30-35مذكرات مواطنة تعيسة في بلد عربي!الحلقات
استأذن عبدالله بعد أن جفف نفسه بسرعة وارتدى بقية ملابسه ..
علت وجهه ابتسامة خبيثة عندما اقترب مني ليقول : تصبحين على خير كانت حقا ليلة لاتنسى كما خططت لها تماما أتمنى لك احلام سعيدة بعيدة عن الكوابيس عزيزتي
لم أصدق أن يذهب هكذا ويتركني وحيدة بين أب وأم غاضبين للغاية من تصرفات ابنتهما الغريبة والغير معتادة طبعا والدي تأجج كبركان كامن بعد خروج عبدالله كانت ثورته كبيرة خفت أن يقدم على ضربي فعلا ! علي أن اعلل سبب الحريق أولا ثم مظهري الغريب من شعر وملابس مبلله بالماء ولماذا تغيرت ملابسي اصلا ! وماذا عن عبدالله الذي بدا وكأنه في منزله تماما بعيدا عن الهيئة الرسمية المعتادة التي غالبا ما يكون عليها عند زيارتنا طبعا تمتمت بكلام غير مفهوم ولا يمكن لعقل أن يصدقه اصلا ! خاصة اني حذفت الجزء الذي استبدلت فيه ملابسي المحتشمة باخرى بعيدة نسبيا عن الاحتشام المتعارف عليه ظل والدي ثائرا جدا صوته كالرعد والعواصف التي لا تنقطع بل تزيد في كل مرة أجيب فيها عن سؤال بطريقة توضح إرتباكي وخجلي الشديد !
بدأت أفقد أعصابي أنا الأخرى لأجد نفسي أصرخ بشدة : كيف تعاملني هكذا انا تعرضت لحادثة فظيعة أحمدالله أني نجوت منها كان من الممكن أن تجدوني جثة متفحمة لولا أن ستر الله علي ! بدل أن تهونان علي مصيبتي يتحول ذلك الى تهمة وكارثة أعاقب عليها ! وقع كلامي كان جيد جدا على والدي لأن ملامحه تبدلت فجأة وكأن هذه الحقيقة ظهرت فجأة ليفكر فيها لماذا لم أفكر في أن الهجوم خير وسيلة للدفاع قبل هذه المرة اعجبني الهدوء الذي حل بمنزلنا بعد ثورتي لذلك قررت أن استمر ولكن بغباء شديد هذه المرة عندما ذهبت بسرعة الى غرفتي لأخطف فستاني المحروق وأقول لهم من يصدق أن أنجو بعد هذا أعتقد أن صوت الرعد كان أرحم من صوت والدي الذي ذهل من فستاني المحروق الذي لبسته بعد انصرافهما !
فقال : لم أرك من قبل بمثل هذا الفستان هل ارتديته بعد رحيلنا أنا وأمك ! لم يكن هناك ما أجيب به تحركت من مكاني وأنا أحمل جريمتي النكراء ذلك الفستان الحقير الى غرفتي بهدوء مفضلة عدم الرد موبخة نفسي على غبائي وسوء تصرفي دخلت الى غرفتي وقررت أن أنام فقد كنت مجهدة نفسيا وجسديا رغم الحريق الذي يهدد منزلنا من ثورة والدي التي بدأت أشم رائحة دخانها فعلا !
تمنيت أن يكون غدا يوم أفضل عاهدت نفسي أني لن أفكر في أي رومانسيات مع ذلك المدعو عبدالله بعد اليوم سأرد له الصاع إثنين من عدم المبالاة والبرود
قرر والدي ووافقه عبدالله بدون تردد على أن يكون موعد زواجنا بعد اسبوعين تماما من حادثة الحريق
صرخت ودموعي تنهمر في غزارة بأني أرفض هذا الأسلوب لكن والدي قد أخذ قراره ولن يرجع فيه لم يكن هناك وقت كافي لتجهيز اغراضي او حتى التخطيط لعرس مميز كما تمنيت دائما الأسبوعين كانت قليلة جدا في نظري ولكن لم يكن هناك من يسمع توسلاتي !
ثم أنني اريد أن أطيل فترة ما قبل الزواج فأنا أريد التعرف أكثر على عبدالله قبل دخول عش الزوجية أريد أن أحس بمشاعر الخطوبة وعقد القرآن قبل أن أصدم بسؤولية الزواج ! باءت كل محاولاتي بالفشل حتى عبدالله قال لي بأنني زوجته أصلا وهو يرى أيضا أنه لا داعي للإطالة في فترة ما قبل الزواج خاصة أنه ليس هناك ما يمنع من الانتقال فعلا لبيت الزوجية الذي سيكون في دور خاص لنا في منزل والديه الكبير والذي تم تجهيزه بالفعل منذ فترة ! ولكني عروس ولم استعد بجهاز خاص يناسبني قال الاسبوعين أكثر من كافية لهذه المهمة وطلب مني أن أكثر من نوعية الفستان الذي لبسته في يوم الحريق بسخرية أغاظتني جدا !!!!!!!!!
ماذا عن العرس قال بأنه سيتصدق بالأموال التي سيصرفها فيه لمساعدة بعض الشباب الذي يحاول أن يتزوج وسيكتفي بحفل صغير يشهده بعض افراد العائلة المقربين .. فكرة التصدق بذلك المال الذي يصرف في الأعراس أعجبتني جدا فأنا دائما كنت أنظر الى بعض الأعراس المكلفة على أنها تبذير لا يرضى الله أبدا ! ثم أنني لاحظت أن أغلب من يتزوجون في أعراس يكتنفها الكثير من البذخ تكون نهايتهم مأساوية وغير متوقعة وافقت على أمل أن يعوضني الله بحياة سعيدة مع هذا الرجل الذي يزاد اعجابي به يوما عن يوم رغم أنه لم ينطق بكلمة حب واحدة تفرح قلبي المتجمد من برودة مشاعره تجاهي !
تم العرس كما خطط له عبدالله تماما بسيط ولكن حميم جدا في وجود المقربين فقط من العائلتين .. اذكر جيدا قبضته الفولاذية على يدي وكأنني مجرم تم تكتيفه بتلك اليد القوية التي كادت أن تهشم يدي ثم قام بتقبيل جبيني كما يفعل عادة العريس في اعراسنا العربية !
كانت القبلة كماس كهربائي صعق جبيني !
لماذا علي أن أشرب من نفس الكأس الذي شرب منه وتهاجمنا آلات التصوير بهذه الكثافة رغم أنني عادة لا أشرب من وراء أي شخص حتى لو كان أبي أو أمي !
كيف سأذهب مع هذا الرجل الذي لا أعرفه جيدا خارج مدينتنا ولوحدي فيما يعرف بشهر عسل !ماهذه الافكار الغبية التي شغلتني وقتها !
حادثة الحريق كانت بسبب انني أريده أن يقترب مني واليوم اشعر انني أريد الهروب منه هل هذه مشاعر كل عروس أم مشاعري أنا فقط
مضى شهر العسل بسرعة البرق كانت أجمل أيام حياتي عشت فيها قمة الرومانسية مع عبدالله .
كان إنسان رائع بمعنى الكلمة حازم محب وحنون إلى أبعد الحدود .. ربما كنت معجبة به قبل زواجنا ولكنني بعد الزواج أحببته بل عشقته إلى أبعد الحدود ..لم يكن ممن يجيدون فنون الغزل والتشدق بكلمات الحب بل يجيد فن التعامل وإظهار حبه بنظراته وقدرته على امتصاص غضبي .. كان يظهر حبه بدون كلمات مجرد إحساس ودفء يصلني بهدوء ونعومة وروعة أحسست أنني بطلة لإحدى الروايات الرومانسية التي كنت احرص على قراءتها وأنا في المرحلة المتوسطة والثانوية أخيرا بدأت أيام التعاسة في الزوال من حياتي
كان يضحك كثيرا على بعض تصرفاتي في بداية زواجنا فقد كان من الصعب علي تقبل فكرة أن أعيش مع رجل فجأة بدون مقدمات ! كنت افزع ليلا عندما أستيقظ وأجد بجانبي رجل نائم واحتاج إلى عدة ثواني حتى استوعب أنه زوجي عبدالله حتى في منزلنا كنت أصاب بصدمة عندما أراه فجأة فأختبئ بسرعة بحثا عن حجابي ! أو يصل بي فقدان الذاكرة قمته عندما أساله بغباء : ماذا تفعل هنا ؟؟ فيرد بسخرية : أنا في بيتي !مرت الأيام جميلة لم يعكر صفوها إلا سؤال دائما ما يتردد عليّ بشكل مستفز يتساءل فيه من حولنا بدون داعي وبفظاظة : هل أنت حامل ؟؟ كان السؤال في البداية يخجلني لا أدري لماذا ؟؟ ثم اصبح تكراره يستفزني بعد أن بدأت تصاحبه دعوات من الأقارب والأجانب لي ولعبدالله بالأبناء وكأننا نقف أنا وهو على باب أحد المساجد نستجدي صدقة كنت أردد بقهر هذا شيء يخصني أنا وعبدالله لا يخص غيرنا لماذا هذه الحشرية البغيضة من مَن حولي ! أكثر شخصية توجه السؤال لي وتسأل عن الأسباب في عدم الإنجاب وتطلب من الكشف هي والدة عبدالله كانت سيدة متسلطة جدا تتدخل في أدق تفاصيل حياتنا عبدالله كان بارا بها إلى أبعد الحدود يحبها حتى الجنون كنت أحترم هذا فيه كثيرا وأتحمل الكثير من تدخلاتها في حياتنا من أجله هو فقط كان يعلم ذلك ويقدره ويعوضني عن ما أشعر به من قهر بزيادة حنانه وحبه الأمر الذي كان يزيد من الهوة بيني وبينها والتي كانت أسبابها معروفة عند الجميع فعبدالله هو وحيدها وجودي في منزل واحد معها ضايقني كثيرا لأنه أشعرني بعدم الحرية فهي تعلم متى أنام ومتى أخرج وماذا أفعل وطوال الوقت تأتى مع زوار إلى الطابق الذي نسكن فيه أنا وعبدالله دون إعلامنا مسبقا في أوقات غير مناسبة غالبا بدأت أغتاظ كثيرا من وجود بعض الخالات والعمات في منزلي هن وبناتهن الشابات الغير محجبات والمتبرجات بشكل يبهرني أنا شخصيا في وجود زوجي عبدالله أعلم أني أغار على زوجي ولكني أكره أن يكون منزلي مرتعا لهن يتكلمن مع زوجي بدون أي تحفظ وبشكل يستفزني كثيرا تمنيت أن اخترع نظارة سوداء كي البسها عبدالله في وجودهن فلا يراهن الا محتشمات متسترات كما أمر ديننا
عبدالله كان يشعر بكرهي لهذه الزيارات التي لا تسمن بل تؤثم ! فكان يترك المنزل غالبا ويتحجج بأي شيء او يخلد إلى النوم متظاهرا بالتعب !
إلى متى سأظل هكذا لا أجد راحتي في منزلي الذي يعج بناس لا أعرفهم في كل وقت وأي يوم رغم معرفة الجميع أني أعمل طوال الوقت وأحتاج إلى بعض الراحة في منزلي وبعض الخصوصية مع زوجي
زادت علي الضغوط لمعرفة سبب عدم الإنجاب خاصة أني دخلت السنة الثالثة في زواجي كان هناك سبب يمنعني من عمل الفحوصات اللازمة وكأنني أخاف من شيء ما ربما تكون الحاسة السادسة التي تنبؤني عادة بالمصائب ! تشجعت أخيرا لعمل الفحوصات بالمستشفى وكانت صدمتي كبيرة جدا عندما علمت أني عاقر هناك طبيا ما يمنعني من إنجاب الأطفال ! كان وقع الخبر سيئا جدا علي ! خاصة أني متأكدة أن أم زوجي لن تسكت أبدا ! سيكون هناك حل من اثنين لا ثالث لهما ! أما زواج عبدالله بأخرى وأبقى أنا زوجة أولى أو الطلاق
كلمة الطلاق عصرت قلبي هل أستطيع أن أترك عبدالله ؟؟ الرجل الذي أحببته بجنون !!
هل أستطيع أن أترك منزلنا بكل ذكرياتنا الحلوة لأخرى ! كلمة لأخرى لم تعجبني أبدا افضل أن أقتله وأقتل نفسي ولا يقترب هو من أخرى ! أصبت في ذلك الأسبوع المشؤوم بزكام شديد نتج عنه التهاب في الأذن الوسطى فكانت النتيجة أنني أصبت بحالات دوار متعددة ! لازمت الفراش كنت أعلم تشخيص حالتي ولكن حالتي كانت لأم تنتظر حفيدا لها تشخيص آخر !
فجأة وأنا أكابد الدوار الذي أصابني أجد نفسي أستقبل عددا من أقارب عبدالله لتهنئتي بالحمل حتى عبدالله كان سعادته غامرة بالخبر لدرجة أنه قال لي : أخيرا حبيبتي سيكون لنا طفلا رائعا ! كنت أخشى أن يكون لديك أي مشكلة تمنع الإنجاب خاصة أني أجريت كل الفحوصات دون علمك وعندما علمت أنني أستطيع الإنجاب بدون أي مشاكل قررت عدم إحراجك بقول ذلك
ثم ضحك وقال لي : أنه كان سيتعرض لضغط شديد من والديه للزواج بأخرى اذا كنت فعلا لا أنجب احتضني بشدة
وقال : أنا أحبك كثيرا وجودك معي أهم شيء في حياتي حتى الأطفال بالنسبة لي لا شيء بدونك !! إن كنت أحب أن أنجب فلأنك ستكونين أنت أمهم
كانت دموعي تسيل متتابعة وأنا أسمع كلمات عبدالله التي نطقها بكل صدق وحب ! تأكدت وقتها أن حياتي معه ستنتهي بمجرد أن يسمع والديه خبر عقمي عبدالله مولع بوالديه ولن يغضبهما خاصة لو أصرا على أن يكون لديه أطفال يحملون اسمه ! أمه ستفعل المستحيل لتزويجه بأخرى والتي ستكون غالبا من بنات العائلة كما كانت تتمنى قبل أن يقدم عبدالله على الزواج مني نظرت إلى عبدالله الذي نسي الطب فجأة ولم يميّز بين التهاب الأذن الوسطى والحمل
وقلت وأنا أعاني من دوار أنا لست حامل أنه مجرد التهاب في الأذن الوسطي تبدلت ملامح عبدالله إلى الجمود ! تركته وذهبت إلى فراشي كي ارتاح قليلا
ي ت ب ع..