رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ

Sunday, June 3, 2007

!مذكرات مواطنة تعيسة في بلد عربي

ديه قصة طويلة قريتها و عجبتني جدا اول كام حلقة قلت مملة بس بعد كده كانت حلوة اوي فقلت انقلهالكم هنا

!مذكرات مواطنة تعيسة في بلد عربي
الحلقات من 1-10

كنت أظن ان مراحل الدراسة هي النكد الحقيقي الذي سأتخلص منه بمجرد التخرج من الجامعة والخروج الى ساحات العمل الواسعة حيث الانطلاق الى فضاء الانتاج والعمل تحت سماء الوطن كنت حالمة غبية جدا صدقت ببساطة كلمات الأغاني الوطنية التي تتحدث عن الهمم العالية والأمثال التي عفى عليها الزمن وهي تطلب سهر الليالي لنيل العلا كلما اتذكر الساعات الطويلة التي قضيتها وانا بين الكتب اذاكر بهمة في الثانوية العامة حتى احصل على تقدير عالي ادخل به كلية علمية اخدم من خلالها وطني واحقق ذاتي اصاب باحباط شديد فدخول الجامعة ليس بالشئ السهل والبسيط الآن حتى لو كان مجموع الطالب المتقدم عالي ! هناك ما يسمى بالمقابلة الشخصية التي تكاد تكون الستار الرئيسي لكارثة الواسطة ! فتجد من هم دون المستوى واقل الجميع في مجموع الدرجات ورغم ذلك يحصلون على اي مقعد في اي كلية يختارونها والسبب بسيط ان فلان لديه واسطة كبيرة !تقدمت كغيري الى الكلية التي اريد واذكر ان والدتي اصرت ان تذهب معي الى الجامعة ذلك اليوم !! كم كنت خجلى من وجودها معي فاحساسي كان اني انسانة مسؤولة اليوم واكبر من أن اذهب مع والدتي الى الجامعة ! قضيت ساعات طويلة في محاولة أن اثنيها عن الذهاب معي دون فائدة ! ذهبت معي الى الجامعة وانا أكاد ابكي مالذي سأقوله لصديقاتي عند رؤيتهن لوالدتي معي وانا في هذا السن دخلت الى الجامعة مع امي وانا احاول تجنب التعرف على هوية الشخصيات الموجودة في مكان التقديم حتى لا يكتشف من اعرف اني قادمة اليوم الى الجامعة بصحبة والدتي لتقديم اوراقي للكلية التي اريد ! وجدت الكثير من زميلاتي هناك اغلبهن كن بصحبة امهاتهن لذا ارتحت بعد رؤية ذلك المنظر وقتها كثيرا وقفت انا ومجموعة من المتقدمات في طابور طويل لتسليم اوراقنا كدت اسقط اكثر من مره بسبب التعب والحر والازدحام واخيرا وصلت الى النافذة الصغيرة التي سأسلم فيها اوراقي للمسؤوله مددت يدي بفرحة عارمة لاعطائها ملفي فوجئت بيدي تصطدم بقوة بزجاج النافذة التي اغلقت في وجهي عندها قالت لي المسؤولة بنظرة غاضبة وهي تفتح جزء من النافذة وتكاد ان تبصق في وجهي : وقت الفطور رديت بهلع : فطووووووووور ولكني تعبة جداً خذي اوراقي وافعلي بعدها ما شئت ردت بغضب : يعني ما نفطر نشتغل متواصل بدون رحمة ولم تنتظر ردي اغلقت النافذة وذهبت تحمل ارتال الشحوم المتكالبة على جسمها في مشية اقرب ما تكون الى مشية البطريق !كم حزنت على ملابسها التي كادت أن تتمزق لتصرخ طالبة النجدة من شدة التصاقها بذلك الجسم السمين ! بدأت الدموع تتساقط من عيني قهرا وألما ولكني بقيت صامتة ساكنة اكتم غيظي واشكي همي لله وأنا ارى من خلال الزجاج البقرة الضاحكة أمامي تلتهم الفطور بصحبة القهوة والشاي
لم اكن من الشخصيات التي تستعذب الاحزان لذلك شرد ذهني وانا في قمة التعاسة الى احلام وردية عن حياتي المستقبلية بعد أن يتم قبولي في الكلية واقضي بها عدة سنوات .. أخيرا سأخرج الى دنيا العمل بجد ومثابرة وسوف أبني بلا شك مجتمعا على اسس علمية حديثة اطبقها من خلال دراستي لم اشعر بتلك الابتسامة الغبية التي رسمت على وجهي ولا بصوت السيدة بَطْرِيق وهي تطلب مني الأوراق سمعت بعدها أصوات من كل الاتجاهات وشعرت بمجموعة لا يستهان بها من الأيدي تهزني من احلامي اخيرا قدمت أوراقي بطريقة ميكانيكية للسيدة بَطْرِيق فوجدت الأخيرة تبتسم بسخرية وجزء من أوراق الخس عالق بأحد ثناياها قائلة : هناك ورقة ناقصة عليك الذهاب الى الغرفة المقابلة لاخذها قلت ولكنني ذهبت هناك من قبل واعطتني السيدة المسؤولة كل الاوراق المطلوبة ثم أنني لو ذهبت هناك بملفي سأقف في هذا الطابور التعيس مرة أخرى لذا طلبت في رجاء ان تحتفظ بملفي عندها حتى ارجع بالورقة المطلوبة او أن تعدني على الأقل بانهاء اوراقي عند عودتي من الغرفة المقابلة ! لم اكمل كلامي حتى وجدت الملف قد القي باتجاهي وصوت السيدة بَطْرِيق يعلو شيئا فشيئا تطلب مني الذهاب الى الغرفة الأخرى فورا لأني اضيّع وقتها الثمين الذي ضاع جله في الفطور كانت أول مرة في حياتي يكلمني شخص بتلك الطريقة المهينة وبذلك الأسلوب المستفز تذكرت حنان أمي الدائم الذي يحيطني بكل ود .. واحترام والدي لي رغم صغر سني ! انتفضت بحزن امام تلك المعاملة الجافة وذهبت حيث وجهتني السيدة بَطْريق الى الغرفة المجاورة ! لم يكن الحال هناك أفضل ان لم يكن أسوأ لم أجد طابور أقف فيه وانما وقف الجميع بشكل غير منظم وجميعهم في انتظار الموظفة التي اختفت فجأة دخلت اخيراً السيدة المسؤولة كانت طويلة جدا ورشيقة .. شيئا ما فيها ذكرني بالزرافة تقدمت منها بسرعة البرق وطلبت الورقة الناقصة فطلبت مني الانتظار خمس دقائق حتى تنجز بعض الأعمال . كنت أرى الساعة تتحرك أمامي بصمت خمس .. عشر .. ربع ساعة .. نصف ساعة .. ساعة واخيرا بعد ساعة ونصف اعطتني الورقة اسرعت الى نافذة السيدة بَطْريق بفرحة عارمة اوضح فيها لكل من في الطابور أنني كنت اقف في هذا الطابور قبل الجميع وتأخرت بسبب ورقة وهي معي الآن ويبدو أن الجميع تعاطف معي عندما علم بوقت حضوري المبكر الى الجامعة واخيرا وصلت الى النافذة لتصطدم يدي مرة أخرى بالزجاج ! هذه المرة قالت لي السيدة بطْرِيق انه وقت صلاة الظهر فقلت : لم يؤذن بعد قالت في هذا الوقت نستعد للصلاة والغداء ! ادارت ظهرها لي مره اخرى ورحلت !رددت بشرود :غداااااااااء
كانت امي تنظر الي بكل حنان من بعد وهي تجلس على أحد الكراسي وبجانبها عدد من الأمهات ! الجميع كان مستاء جدا من الوضع ! فلم يكن هناك اي تنظيم في مكان التسجيل والقبول اطلاقا !حمدت الله ان امي اصرت أن تأتي معي فنظرتها الحانية لي كفيلة بتبديد كل ما شعرت به من تعاسة !قضيت حوالي الاربع ساعات متنقلة من غرفة الى غرفة في كل مره أكتشف أن هناك ورقة ناقصة واخيرا سلمت اوراقي كاملة واخذت رقما خاصا بمعاملتي ورقم هاتف للاتصال والاستفسار عن اوراقي بعد اسبوع ذهبت الى المنزل وانا في قمة التعب تذكرت مدرستي الحبيبة التي كنت احلم دائما بالخروج منها الى صرح اكبر ! اعترفت بحسرة اني للأسف لا أشعر بقيمة الاشياء الا بعد فقدانها ! حسنا التقديم للكلية هو اسوأ خطوة وبعدها ستفتح لي ابواب الجنة أنا متأكدة من ذلك هكذا فكرت وانا اشجع نفسي وامنيها بحياة أفضل اتصلت بعد اسبوع اسأل عن اوراقي فقالت لي المسؤولة : اوراقك تم تحويلها الى الكلية المطلوبة وطلبت مني أن اذهب الى هناك يوم الأحد لأخذ اوراق الفحص الطبي ومراجعة المكتب لتأكد من موعد المقابلة الشخصية والامتحان الخاص بالكلية .. الكشف الطبي لم يكن ارحم من يوم التقديم ولكني صبّرت نفسي ان الوصول الى القمة يتطلب بعض التضحيات هل انا في كابوس ام هي الحقيقة كدت ان اقرص نفسي فعلا لتأكد من ذلك وانا في امتحان القبول بالكلية ترى من وضع هذا الامتحان عالم ذرة ام رائد فضاء تصفحت الورق جيدا وفي كل مرة اقرأ الأسئلة اراها تزداد تعقيدا قرأت كل الآيات التي احفظها والأدعية وصليت على النبي عدة مرات في محاولة لتهدئة نفسي واخيرا بعد ان قمت بحل كل ما اعرف سمحت لنظري ان يذهب ابعد من الورقة التي امامي لأتفحص وقع الامتحان على من معي بالقاعة لم تكن حالتهن افضل بل اني اكتشفت ان هناك من تبكي ومن تلعب بالقلم في محاولة لاضاعة الوقت بالاضافة الى عدة مقاعد خالية نتيجة لخروج البعض من الامتحان مبكرا !انتهى وقت الامتحان فسلمت ورقتي وخرجت وانا افكر في المقابلة الشخصية التي ستجرى لي بعد نتائج هذا الامتحان ترى هل سأنجح سؤال تصعب الاجابة عليه :-
مرت عدة دقائق وسماعة الهاتف في يدي واصبعي متردد في طلب رقم هاتف الجامعة لاستفسار عن النتيجة !فكرت في الحزن الذي يمكن أن يخيم على جميع من في البيت خاصة والدي ووالدتي لو اخفقت في الدخول الى هذه الكلية التي حلمت أن ادخلها منذ أن كنت طفلة بحركة سريعة طلبت الرقم وبهدوء اعطيت رقم جلوسي بالقاعة واسمي ( لمى عبدالعزيز ) للمسؤولة كنت اسمع صوت الاوراق التي كانت تقلبها في محاولة لايجاد اسمي ربما كانت دقائق قليلة ولكنها كانت سنين عجاف طويلة بالنسبة لي ! قضمت كل اظافري من التوتر وأنا انتظر اخيرا قالت : آسفة اسمك غير موجود قلت : نعععععععععععععععم ماذا يعني ذلك قالت : شيء غريب فعلا اسمك لابد أن يكون هنا حتى لو كنت من الراسبات ثم طلبت مني الانتظار حتى تتأكد من قائمة الأسماء لن احقق احلامي ولن ادخل الجنة التي حلمت بها يبدو ان علي البحث على كلية اخرى اسهل وقبولها ايسر من هذه الكلية الصعبة ترى اي كلية يمكن أن اجد فيها ما احلم به وكيف سأبلغ والدي هذا الخبر السيء بدأت دموعي تنهمر والتعاسة تزداد داخلي لدرجة اني فكرت في اغلاق الهاتف من بين عبراتي المنهمرة بغزارة سمعت صوت المسؤولة تقول لي :مبروك حصلتي على أعلى علامة بالامتحان اسمك مع عدد من الاسماء في قائمة اخرى خاصة بالمميزين ! لم اصدق وقتها اني حصلت على اعلى علامة مسحت دموعي بظاهر يدي بعد أن اخذت منها موعد المقابلة الشخصية تمنيت أن اسمعها كلاما قاسيا فقد كانت السبب في تعكر مزاجي وبكائي ولكن الفرحة قضت تماما على مشاعري المحبطة منها بسرعة انطلقت الى اهلي في حديقة منزلنا ابشرهم بالخبر لم يصدق الجميع الخبر خاصة أن وجهي محتقن وجفوني محمرة وآثار الدموع لاتزال على وجنتاي اخييييرا بدأت رحلتي الى الجنة استيقظت يوم المقابلة الشخصية باكرا اخترت ملابس تميل الى الكلاسيكية وعقدت شعري الى الخلف بطريقة توحي بالجدية وانطلقت الى الجامعة هذه المرة بدون والدتي التي بدأت تتفهم اني كبرت ويمكن لي الاعتماد على نفسي اكتفت فقط باحتضاني والدعاء لي بالتوفيق بعدها ركبت مع والدي في السيارة فاوصلني الى الجامعة وطلب مني مكالمته فور خروجي من المقابلة
دخلت الجامعة وانا سعيدة جدا سأصبح احدى الطالبات فيها قريبا كانت كبيرة جدا مترامية الاطراف عكس مدرستي الصغيرة الدافئة ! تشعر وانت تمشي فيها انك تخترق المجهول بخوف ورهبة ربما لذلك اطلقوا عليها كلمة حرم فيقال حرم الجامعة ! المكان الذي اختبرت فيه للقبول كان المبنى التاسع والمبنى الخاص بالمقابلة هو المبنى الخامس ترى كيف سأصل الى هناك فأنا اكاد اكون تائهة بين هذه المباني المخيفة ! حمدت الله اني حضرت باكرا يبدو اني ساقضي بعض الوقت لايجاد ذلك المبنى ! اخيرا وجدت احدى عاملات النظافة فطلبت منها أن تدلني على المبنى اشارت الى مبنى بعييييد وقالت تلك كلية الطب واصلي السير في هذا الاتجاه استمريت امشي والشمس تكاد تصيبني بضربة قاتلة ! في طريقي وجدت مبنى صغير قريب من الكلية كتب عليه المشرحة احسست برعشة في جسمي ! هل سأدخل هذا المكان يوما ما طردت الفكرة من رأسي وواصلت السير فأنا لا أريد أن اشغل تفكيري بذلك الآن ! وصلت الى المبنى المطلوب وجدت عدد من الطالبات المتقدمات تعرفت على بعضهن في يوم التقديم والبعض الآخر لم يسبق لي رؤيتهن اطلاقا ! لم اصدق عيني عندما رأيت غادة هناك غادة تلك الغبية الكسولة التي كانت تنجح بالدف في المدرسة من المتقدمات صحيح ان والدها طبيب مشهور لأحد رجال الدولة ولكن هي شيء مختلف تماما فجأة وجدتها تقبل علي وتسلم .غادة : هلا لمى انت ايضا متقدمة لنفس الكلية لمى : نعم لم اتوقع رؤيتك هنـا خاصة اني لم ارك في الامتحان الاسبوع الماضي
غادة : كنت في نيس مع والدي ورجعت اول امس !
لمى : ماذا عن الامتحان ألن يتم اختبارك
غادة : لا فأبي تحدث مع وكيل الكلية وتم استثنائي
لمى : غريب هدى الخالد (الأولى على المنطقة) مرضت في ذلك اليوم ولم تستطع دخول الامتحان وفعل والدها المستحيل حتى تدخل هذه الكلية ولم يفلح
غادة : كان على والدها التحدث الى مسؤول أو كتابة معروض لاحد رجال الدولة المرموقين لمساعدته حتى في كلية الطب هناك واسطات لم اصدق ان هذه الغادة الغبية هنا فقد تخرجت بمجموع 64% فقط وهدى التي يتحدث الجميع عن ذكائها وفطنتها تحرم من الدخول لم استطع تحمل الكلام معها اكثر من ذلك فما ان رأيت وجه صديقتي مها حتى استأذنت من غادة وذهبت احتضن مها
لمى عبد العزيز ... لمى عبدالعزيز !وكالعادة لم اسمع اسمي عندما تم النداء عليه الا بعد ان هزتني احداهن لمعرفتها اني المقصودة فلم يبق غيري وغيرها في القاعة مشكلة الغرق في احلام اليقظة مشكلة اعاني منها منذ كنت طفلة يبدو انني استغرقت في احلامي بعد خروج مها ومريم من القاعة لاجراء المقابلة لهن بصعوبة توجهت الى غرفة المقابلة الشخصية فقد كانت احدى قدماي نائمة هي الاخرى ولو استرق احدهم السمع اليها جيدا لسمع لها شخيرا مميزا ! كنت اطمئن نفسي باني بلاشك سأقبل في الكلية فجموعي في الثانوية عالي كما اني حصلت على اعلى علامة في امتحان القبول ورغم ذلك قلبي كان في منتهى التمرد يدق بعنف وقوة ! شاركه في ازعاجي مثانتي التي استيقظت هي الاخرى من نومها لتعلن فجاة اني بحاجة للذهاب الى دورة المياة طبعا لم استطع طلب الحمام فأنا الآن في منتصف غرفة اللجنة الخاصة باجراء المقابلة !بهدوء جلست على كرسي الاعتراف يحيط بي لجنة مكونة من دكتورة كبيرة في السن استطيع أن اقول عنها في التسعين من العمر بدون تحفظ ! ورغم ذلك كانت تضع كميات كبيرة من المساحيق حتى انها بدت كمهرج في سيرك ! لفت نظري أكثر توصيلة شعر وضعت بشكل غبي فوق رأسها بجانبها دكتورة اكاد اقول اني اعرفها وجهها مألوف جدا لي ترى اين رأيت هذا الوجه من قبل قطعت تتابع أفكاري الدكتورة تلك عندما قالت لي باسلوب متهكم لمى عبدالعزيز هنا يا مرحبا يا مرحبا واضح انها تعرفني وواضح انها معرفة لا تبشر بخير مطلقا قالت لي بشكل عدائي : لنرى اذا كانت الصراحة ستنفعك هنا ايضا بصعوبة شديدة تذكرتها ! انها جارتنا الدكتورة عايدة يا الهي كيف يمكن ان تجمعني بها الاقدار هنا ! تأكدت بما لا يدع مجالا للشك أن حلم الدخول الى هذه الكلية اصبح مستحيلا ! نظرت بحسرة الى بقية المقاعد الخالية والتي كان يشغلها اعضاء اللجنة الآخرون يبدو انهم انصرفوا قبل دخولي بقليل لتبقى هذه الجنية المخيفة امامي كي تنتقم لم تكن مقابلة شخصية بالمفهوم المعروف كانت مقاتلة شخصية لولا الملامة كنت ضُربت فيها ضربا مبرحا كيف نسيت اني سأرى هذه الحية مرة اخرى خاصة انها تدرس في هذه الكلية منذ قرون ! قالت لي : تريدين ان تصبحي طبيبة ! نجوم السماء اقرب لك من ذلك في الحقيقة نداء مثانتي لم يكن ليجعلني انصت جيدا لها فقد كنت متوترة جدا وتفكيري منصب على الذهاب في اقرب فرصة الى دورة المياة ظلت تهذي وتتوعد اكثر من نصف ساعة والزبد يخرج من فمها فيتناثر على توصيلة شعر الدكتورة الاخرى وانا صامتة لا اجيب لم استطع صد مثانتي اكثر من ذلك فجأة فررت الى الخارج ابحث عن دورة المياة دون أن انظر خلفي !
كان ينقصي موسيقى تصويرية حزينة وانا في دورة المياه أمام المرآة المعلقة في الداخل انظر الى وجهي الملئ بالدموع غسلت وجهي عدة مرات ثم قررت أن اتوضأ واصلي كي ترتاح نفسي قليلا قبل ان اتصل على والدي ليأتي ويصحبني الى المنزل !ذهبت ابحث عن مكان للصلاة بينما دموعي تتساقط ! فرغت من صلاتي ورفعت يدي الى ربي ادعوه واشكي إليه همي وابث حزني ! اكتنفتني راحة غريبة ولذيذة وكأن شيئا لم يحدث لتحل بي مشاعر الرضا بقضاء الله بدل مشاعر الحزن والتعاسة ! اتصلت في النهاية على والدي ويبدو أن صوتي لايزال مضطربا مما حدث لي لأنه قال في نهاية المكالمة : لمى توكلي على الله فهو حسبك ! قلت : نعم الرب ونعم الخالق .. سلكت الطريق نفسه الذي اتيت منه وبحسرة نظرت الى مبني المشرحة الذي يبدو اني لن ادخله ابدا اكملت طريقي ووقفت عند مدخل الجامعة انتظر والدي الذي جاء بعد فترة ليصحبني الى المنزل كان منظري يدل على طامة كبيرة وقعت لي لذا لم يتكلم والدي كثيرا معي ونحن في الطريق ظل ينظر امامه في صمت ! وصلت الى المنزل كانت والدتي في انتظارنا بشوق وما ان رأتني حتى قالت : بشريني بالقبول !طأطأت رأسي وقلت : لا اعتقد اني سأقبل في الكلية احسست ان الأفضل لي ولهم معرفة الحقيقة وتقبلها من البداية بدلا من البقاء على امل كاذب هنا تحدث والدي بهدوء وقال لي : تركتك دون ازعاج في السيارة حتى تسردي لي ولوالدتك سبب الصدمة التي اراها على وجهك الآن فتقولي ما عندك مرة واحدة دون الضغط عليك باعادة شيء يزعجك مرتين مرة لي ومرة لوالدتك هيا أخبريني ما المشكلة ؟!أبي انسان رائع جدا في معاملتي كان يعاملني كجوهرة ثمينة نادرة ويحرص دائما على عدم جرح مشاعري بكلمة ويبدو اني تعودت على هذا الاسلوب فعلا فكانت اقل كلمة من أي شخص تجرحنى وتؤثر بي كثيرا فمابالك ما حدث لي اليوم من اهانة من الدكتورة عايدة الحرباء البغيضة اخيرا قلت: دخلت لجنة المقابلة الشخصية ولم يكن فيها سوى دكتورتان احداهما كبيرة جدا في السن اشك انها ترى او تسمع اصلا والأخرى كانت الدكتورة عايدة جارتنا في المبنى الذي كنا نقطنه سابقا لا تستطيع ان تقول أي من وجهي ابي وامي كان اكثر دهشة من الآخر! بصراحة لم استطع اخفاء ابتسامة ابت الا ان تظهر على شفتاي امام هذه التعابير التي رسمت على وجهي ابي وامي خاصة ان والدي بقي فاغرا فاه فترة من الزمن !قلت : اهانتني ونعتتني بصفات سيئة جدا وقالت بانني السبب وراء كل الكوارث التي حلت بعائلتها البغيضة فتركت المقابلة وخرجت دون أن انبس ببنت شفه قال والدي : لا عليك سنفكر في حل لهذه المشكلة ! كلية الطب ليست ملكها لتتحكم فيمن يقبل هناك ومن يرفض بقيت اردد كلام والدي خلال الايام التي سبقت نتائج القبول ! ويبدو ان والدي كان مخطئا وانا حالمة اكثر من اللازم فيوم النتيجة اثبت لي ان الحية عايدة استطاعت بجدارة التحكم في قبولي بالجامعة كانت صدمة قاتلة ! منتهى الاهانة ان يتم قبولي في الطب البيطري وجميع زميلاتي بمن فيهم الغبية غادة في الطب البشري ! قضيت ليلة النتائج باكية وحزينة بينما جميع زميلاتي اللاتي قبلن خرجن يحتفلن مع عائلتهن بهذا القبول اطفأت نور المصباح في غرفتي بالرغم ان الساعة لا تتجاوز الثامنة مساءا ثم وضعت رأسي على وسادتي اتنهد في حسرة وألم اتساءل هل ستنتهي بي احلامي الى معالجة البهائم والحمير في الحظائر ربما !
كان العرق يتصبب مني وإحدى الممرضات تمسحه بقطعة شاش باردة قلبي يخفق بشدة دون توقف وأنا اركز بصعوبة في محاولة اجراء عملية القلب المفتوح لأحد الحمير دون أن اتسبب في وفاته استيقظت من نومي وصوت نهيق مزعج يكاد يصم أذني نتيجة اعلامي زوجة الحمار انه مات بقيت بعد نتائج القبول عدة اسابيع هكذا تفترس حياتي سلسلة من الكوابيس التي يختلف ابطالها في كل مرة من حمير تنهق إلى كلاب تنبح واخيرا قطط تموء فقدت عدد من الكيلوجرامات من جراء الزعل وفقدان الشهية :(: كنت اتمنى أن لا ابدو حزينة هكذا امام والدي ولكنها كانت مشاعر اكبر من ان تختبئ وراء ستار اللامبالاة والرضى انا اؤمن بالقدر واؤمن بعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وان الله لا يظلم خلقه ابدا ولكن اؤمن اكثر ان للخلق القدرة على الظلم بكل سهولة وبدون ادني احساس بتأنيب الضمير تلك العايدة الخبيثة التي سمحت لنفسها ان تتحكم في مستقبلي وتمارس سلطة اعطت لها كي ترقى بالكلية وتختار الافضل فادخلت مشاكلها الشخصية في ذلك ! هي تحملني اخطاء ليس لي دخل فيها اطلاقا لم تكتشف ان اهمالها وبعدها عن ابنتها في وقت حرج هو من ادى الى الكارثة التي حلت بعائلتها ! ما اسهل ان نلقي التهم جزافا على الآخرين دون ان نحمل انفسنا شيئا منها فكرت في سحب اوراقي نهائيا من الكلية ! ولكن لا يزال بعض الأمل يراودني ولا ادري هل انصاع له لاصاب بصدمة اخرى ام اتخذ القرار واريح نفسي بترك الكلية حسنا ساتمسك بذلك الأمل فاحلامي بمستقبل مشرق تضغط عليّ بشكل لا يرحم !هذا هو اول يوم لي في الكلية اشعر ببعض المرارة والحزن لم اكن اتخيل ان اليوم الاول لي في الكلية التي كنت اتمناها سيكون صعب وقاسي هكذا استطاع والدي قبل عدة ايام التحدث الى وكيلة الكلية بشأن قبولي في الطب البيطري رغم تفوقي الدراسي مقارنة بمن قبلن في الطب البشري ! كما شرح للوكيلة ان قبولي هناك اعتمد على مقابلة شخصية لم يبقَ من اعضائها سوى عضوين من مجموع خمس اعضاء ! احداهما جارة قديمة لنا حدثت لنا معها الكثير من المشاكل ! طبعا نفت الوكيلة ان يكون هذا السبب الرئيسي وادعت ان اعضاء اللجنة فوق أي شبهات وانني استطيع ان اثبت العكس وانتقل الى الطب البشري اذا نجحت في سنة الاعدادي للطب بتفوق نقل لي والدي هذا الكلام في محاولة منه للقضاء على نظرة التعاسة في عيني ! كنت اثق بقدرتي على النجاح فانا احب الدراسة والعلم لذا قررت ان اقبل التحدي واثبت للجميع ان الذي يتحكم في مستقبل الافراد هم انفسهم وليس الآخرون ! وان الله عندما يغلق بابا في وجه عبده رحمته تفتح بابا اخر لن يراه الا لو اجتهد وعمل بجهد !
لمىىىىىى سمعت انك قبلت في كلية الحمير
صوت غادة البغيض سبب لي صدمة فجأة احسست بجفاف في حلقي واستدرت بهدوء لمواجهتها !ابتسمت ابتسامة عريضة فقد قرأت مرة ان الابتسامة في وجه المغلوب تفسد للغالب لذة الانتصار ! كانت تنتظر أي تعبير سوى الابتسامة لذلك زادت ابتسامتي كثيرا بعد ان رأيت تأثيرها السلبي على ملامح وجهها قلت : لا تشمت في اخيك فيشفيه الله ويبتليك ردت بسرعة : اشمت واضح ان الموضوع قد اثر عليك كثيرا
قلت : ما اثر في هو الظلم الواضح الذي جعل الـ 65% في الطب البشري والـ 95% في الطب البيطري
قالت : المجموع في الثانوي ليس مهما طالما لدي كل المقومات لأصبح طبيبة ممتازة
قلت : نعم فقبولك تم دون دخول الامتحان ايضا يبدو ان لديك من المقومات ما اعجز اللجنة عن مقاومته
ردت بعصبية وهي تنهي الحديث : لا تأخذي الموضوع بشكل شخصي كل شخص يأخذ في هذه الحياة نصيبه والافضل ان لا ينظر بغل وحقد لغيره وبسرعة انصرفت حتى لا تسمع ردي ! لم اصدق ان تلك الغبية تعتقد اني احقد عليها هكذا هم الأغبياء دائما يعللون أي نقد بأنه حقد وحسد دون رؤية بقية الصورة
لسه كل ده كنت بقول عليه ممل الجامد جاي بس كفايه كده النهاردة